الأسْبَرْتام Aspartam – عبارة عن مادة مُحَلِّية صناعية من أكثر المُحَلِّيات استخداماً ومنتشرة على نطاق واسع جداً. وكلمة "أسبرتام" اسم تقني للأسماء التجارية لهذه المادة، التي منها Nutrasweet، Equal، Spoonful، Indulge، Equal-measure، Sugar-free، Sweetex-Gold، إلخ.
قام الكيميائي جيمس شلاتر باكتشاف الأسبرتام عن طريق المصادفة عام 1965 وهو يقوم بتجربة بعض الأدوية ضد مرض القرحة. وقد استُخدِم لأول مرة عام 1974، إلا أن استخدامه أوقِفَ لفترة ثماني سنوات حين رفضته إدارة الأغذية والأدوية الأمريكية US Food and Drug Administration (FDA) لأن استخدامه على القوارض أدى إلى إصابة فئران المختبر بنوبات مرضية معينة وأورام في الدماغ (1، 2، 3). كما دلت نتائج أبحاث أخرى على إصابة الفئران بأمراض أخرى كسرطان الدماغ والثدي والرحم والبنكرياس (5). ومع ذلك أعيد استخدام الأسبرتام عام 1981 على الأغذية الجافة فقط. وفي عام 1983، تمت وافقت نفس الإدارة المذكورة أعلاه على إدخاله كمادة مُحَلِّية في المشروبات الغازية.
وفي عام 1993، وافقت الإدارة الأمريكية للأغذية والأدوية على استخدام الأسبرتام كمادة تدخل في عدد من الأطعمة، يجب في كل الأحوال تسخينها حتى درجة حرارة 30 مْ (2). والأخطر من ذلك أنه في 27 حزيران عام 1996، وبدون إشعار عام، أزالت إدارة FDA كافة القيود التي تحصر استخدام الأسبرتام في إطارات معينة، بحيث سمحت باستخدامه في كل شيء، سواء في المنتجات التي يتم تسخينها كما ذكرنا أو تلك المخبوزة أو المحمَّصة (3).
واليوم يُعتبَر الأسبرتام من أكثر المواد الداخلة في التموين الغذائي اليومي للإنسان سُمِّية؛ وقد غزت منتجاته 50 % من الأسواق العالمية. ويدخل الأسبرتام في أكثر من 5000 مُنْتَج غذائي متاح في أكثر من 90 بلد في العالم (2، 4، 5). وتشكل هذه المادة نسبة تزيد عن 75 % من كل ردود الفعل المعاكسة الناجمة عن استخدام المواد المضافة الأخرى إلى المواد الغذائية (نقلاً عن FDA) (1، 2، 3، 9).
والأسبرتام من المركبات ذات الآثار الجانبية السلبية على المدى البعيد. وقد تمر فترة سنة أو خمس سنوات أو عشر، وحتى 40، سنة لكي تظهر أعراضه القاتلة على الإنسان لدى استخدامه لفترات طويلة ومستمرة (3). ويسمِّي بعضهم هذه المادة أحيانا بـ"القاتل الصامت"a silent killer (8).
ومن المنتجات التي يدخل فيها الأسبرتام: المشروبات الخفيفة (ومنها المستخدمة للحمية أيضاً)، المشروبات التي يتناولها الرياضيون، العلكة، أنواع القهوة المختلفة والشاي، المشروبات الباردة، الفيتامينات المخصصة للأطفال، المضادات الحيوية، المقبِّلات المجمَّدة، والأغذية المبرَّدة من مشتقات الألبان، كالبوظة واللبن الرائب، وغير ذلك كثير، حتى غدا من الصعب جداً العيش بدون تناول الأسبرتام (5). وسيُطرَح قريباً في الأسواق نوع جديد آخر من الأسبرتام يسمَّى "نيوتام" Neotame، يبدو أن تركيبه الكيميائي سيكون كالتالي:
l-phenylalanin, n-/n-(3.3-dimethylbutyl)-l-aspartyl/-1-methyl ester
وتزيد حلاوة النيوتام بـ 40 مرة عن الأسبرتام نفسه (17)، علماً بأن هذا الأخير يفوق السكر العادي حلاوة بـ 200 مرة. وبالمناسبة، هناك أيضاً السَّكَّرين Saccharine المستخدم في إيجاد الطعم الحلو للمواد، وهو يفوق السكر العادي من حيث الحلاوة بـ 400 مرة، وقد وافقت الحكومة الأمريكية على استخدامه، على الرغم من أن التجارب تدل على أن له علاقة بإصابة حيوانات المختبر بمرض السرطان (9).
ومن جهة أخرى، تشير بعض المعطيات والمراجع أن الأسبرتام مادة غير خطرة. وأصحاب هذا الاتجاه هم أولئك الذين يعملون في شركات ومصانع إنتاج وتسويق مركب الأسبرتام ومن يقف في صفهم. ومن هذه الشركات: مصانع G. D. Searle ومصانع Monsanto الشهيرة بإنتاج المواد الكيماوية والهرمونية. ويدعم هؤلاء أيضاً بعض مدراءFDA مثل آرثر هيز وغيرهم من الباحثين في هذا المجال، الذين يقولون بأن الأسبرتام قد يؤثر فقط على بعض الأشخاص ممَّن يعانون من اضطرابات في عمليات الجسم الحيوية (7)، وبأن الكميات القليلة منه لا تضر بالصحة، كما ولا تؤثر على الأسنان، بل، على العكس، تساعد على ضبط الوزن وتُناسِب مرضى السكري (6). ويقول د. ألن إدْمونْدسون بأن الأسبرتام يقلل من كثافة الدم ويخفض حرارة الجسم والانتفاخات التي تظهر عليه، كما أنه لا يثير غشاء المعدة، وبذلك يبدو بأنه أكثر فاعلية من الأسبرين Aspirin (16). و حسب تقديرات FDA، فإن الكمية النموذجية التي يمكن تناولها من الأسبرتام يومياً يجب ألا تزيد عن 8-10 ملغم/كغم من وزن الجسم. إلا أنهم، من جهة أخرى، يسمحون بتناول مقدار يصل إلى 50 ملغم من الأسبرتام لكل كغم من وزن الجسم (7، 18). وهكذا يبدو بأن G. D. Searle و FDA هما اللتان تقرران وتضبطان مستويات استهلاك الناس من الأسبرتام (7). غير أن هناك ما يشير إلى وجود بيِّنات ودلائل تستحق الاعتبار تدور حول التجارب التي تقوم بها US FDA، معتبرة إياها لا تفي بالغرض وغير موضوعية ولا تتصف بالمعايير العلمية كما يجب (13).
علماً بأن فريق من الخبراء العلميين من FDA نفسها وقفوا ضد المصادقة الرسمية على استخدام الأسبرتام في حينه (18). ولا شك بأن شركة Monsanto وغيرها من منتجي الأسبرتام يعلمون جيداً الأضرار التي تسببها هذه المادة وتأثيرها القاتل! إلا أن هؤلاء وغيرهم يقومون بتمويل اتحاد مرضى السكري الأمريكي واتحاد الحِمْية الغذائية الأمريكي والكونجرس الأمريكي وكذلك مؤتمر مَجْمَع الأطباء الأمريكي (10).
في عام 1992 حصلNutrasweet من شركات الأسبرتام على امتياز وتم تسجيله في الدوائر الرسمية. والآن صارت الكثير من الشركات، ومن ضمنها تلك التي تنتج "أغذية صحية"، تضيف، بهدوء، المادة المحَلِّية (الأسبرتام) إلى منتجاتها.
أما شركة Nutrasweet فتمتلكها الآن شركة Monsanto متعددة الأطراف، ذات الرأسمال المقدَّر بـ 8 بليون دولار أمريكي، وأصبح يُطلَق عليها بعد الاندماج (عام 1996) اسم شركة Nutrasweet-Kelco Company (12).
وبالمناسبة، تم تزويد الجيش الأمريكي في عملية "عاصفة الصحراء" في حرب الخليج بكميات وفيرة من المشروبات المحلاة بالأسبرتام. وقد تعرضت هذه المشروبات، بطبيعة الحال، إلى درجات حرارة عالية في صحراء المملكة العربية السعودية، مما أدى إلى إصابة معظم أفراده بأمراض تشبه أعراضها تلك التي تنشأ عادة نتيجة التسمُّم بالمواد الكيماوية السامة، وخصوصاً التسمم بالفورمالدهايد.
مِمَّ يتكون الأسبرتام؟
الأسبرتام جزيء معقد للغاية رمزه الكيميائي:
C14H18O5: l-aspartin-l-phenylalanine methyl ester
وهذا يعني أنه عبارة عن مادة تتكون من المركبات الكيميائية التالية: 50 % فينيل ألانين Phenylalanine، و 40 % حمض الأسبرتيAspartic acid ، و 10 % ميثانول Methanol. وكل واحدة من هذه المواد تشكل وحدها خطورة كبيرة، علماً بأنها تصبح أشد خطورة حين تكون متحدة بعضها مع بعض (5). ولنأخذ كل واحد من هذه المركبات على حدة لدراستها وتبيان ماهيتها!