الشفاء من ”سرطان“ النفس
هل تعلم أن سرطان النفس المميت هو: ”عدم المغفرة للآخرين“؟
إنه مثل ورم متليِّف رديء، ينتشر وينمو في كل أنحاء نفسك وحياتك.
لا تخدع نفسك بالإعجاب بذاتك (أو خطية العُجْب) وتتغاضى عن هذا السرطان القاتل الذي له السلطان والقدرة أن يُحطِّمك.
ولكن إليك هذا الخبر السار عن الشفاء من هذا المرض اللعين: فإنَّ الطبيب الأعظم السماوي قد وعد بأن يغرس مشرطه ليُحرِّر القلوب المريضة بخطايا الغدر والكذب وباقي الخطايا. أما الشفاء فهو يبدأ حينما يُخضِع له عدم غفراننا للآخرين. وإليك بعض تعليمات هذا الطبيب.
1. اسأل الله أن يُعلِن لك أخطر السرطانات التي تكمن داخل نفسك.
- يقول داود النبي: «أتحيَّر في كربتي، وأضطرب من صوت العدو... أما أنا فإلى الله أصرخ والرب يُخلِّصني. مساءً وصباحاً وظهراً أشكو وأنوح فيسمع صوتي» (مز 55: 3،2، 16-17).
إن المغفرة للآخرين هي قرار مبارك، لأنه مستمد من مغفرة المسيح لصالبيه وهو مُسمَّرٌ على الصليب (لو 23: 34). وعملية المغفرة ليست فقط موجَّهة إلى المناوئين لنا، بل هي قبل كل شيء من أجل صحتنا الروحية، وضمان لمغفرة الله لنا عـن خطايانا ضده: «فإنه إن غفرتم للناس زلاتهم، يغفر لكم أبوكم السماوي» (مت 6: 14).
فهل يمكن أن تكفَّ عن أسانيدك وبراهينك لتثبت شرعية عدم غفرانك وانتقامك وغضبك ونقمتك؟
ولكن كثيراً ما يكون الردُّ على هذا السؤال بحزم: لا، لا يمكن، لن أغفر! معظمنا يدَّعون أنهم غير قادرين على بلوغ مستوى المغفرة هذا.
ولكن الله الذي أوصانا بالغفران، وعلَّمنا صلاة الغفران: «اغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضاً للمُذنبين إلينا» (مت 6: 12)، قادرٌ أن يجعلنا نقدر نحن أيضاً على الغفران.
لذلك لابد أن نعرف أين يكمن هذا السرطان فينا ونعترف بوجوده حتى نبدأ في الشفاء.
اطلب من الله أن يُسلِّط أشعته النافذة الخارقة لمفارق ومفاصل النفس والجسد ليُعلن لك صورة السرطان المختبئ في نفسك. هناك حقيقة غريبة عن الله، فهو يُفضِّل أن يتعاون مع المريض المتعاون، حتى يمكن لك وله أن تتحرَّكا إلى الأمام نحو الخطوة الثانية للشفاء.
2- اعترف بالطبيعة السامة لهذا السرطان
+ «وأنت يا رب تُحدرهم (الأشرار) إلى جُب الهلاك. أما أنا فأتكل عليك» (مز 55: 23).
يستخدم الشيطان عدم المغفرة لينجح في اختراق نفوسنا أولاً ثم بعد ذلك يُنهي على حياتنا. فعدم المغفرة يُسمِّم كل كياننا بأكمله، ويُسبِّب موتنا الروحي. ليتنا نكون أمناء لصحة نفوسنا، والتي فيها نتخلَّص من سرطان نفوسنا بكل ثمن.
وما هو الثمن؟ وكم تبلغ فاتورة الطبيب الأعظم السماوي؟ لقد دُفعت كلها بالتمام على الصليب من أجلنا كلنا نحن خطاة الأرض. المسيح قدَّم دمه على الصليب من أجل أن يشفينا بآلامه وموته المُحيين، وأعطانا هذا الدم على المذابح في الكنائس في كل أنحاء العالم ولكل خطاة الأرض كدواء وترياق للخلود. وهذا الدم سُفِكَ ووزِّع علينا من واقع مغفرته لخطاة الأرض وهو على الصليب.
وهذا هو الثمن المدفوع باستمرار، إنه دم المغفرة للصالبين والمُسيئين والأعداء والمقاومين. فكم تكون غالية عليه نفسك ونفس الذي لا تريد أن تغفر له! أفلا تكون نفسك ونفس عدوِّك أيضاً غاليتين عليك أنت أيضاً؟
3. إنْ فهمتَ أن شفاءك من سرطان عدم المغفرة هو عملية تتم على مدى الحياة، فأخضِعْ سرطان نفسك لله.
+ «ألقِ على الرب همَّك (سرطان عدم المغفرة)، وهو يعولك» (مز 55: 12).
هناك أنواع من السرطانات يمكن شفاؤها بسرعة. وبعضها يتطلَّب زماناً طويلاً من العلاج قد يكون شهوراً وقد يكون سنينَ.
وطالما أن الله يعمل فيك لاستئصال هذا السرطان، فستكتشف أن هذا السرطان يفقد قبضته القاتلة على نفسك شيئاً فشيئاً. إنه ليس سحراً، بل هو عمل الله في الشفاء.
ولتَعلَمْ هذه الحقيقة: إن الله يريد أن ينفخ فيك صحةً جديدة لنفسك. يريد أن يُعطيك قلباً جديداً وروحاً جديدة في داخلك. وفي كل مرة تتذوَّق ”مرارة“ عدم الغفران في نفسك، يكون عليك أن تُخضعه للطبيب الأعظم السماوي، وتُقدِّم له تقريراً عن التهابه فيك، وتلتمس منه لمسة الشفاء الشافية. وحينئذ ستكون شاهداً لتجديد حياتك في الزمان الموقوت، بينما الله يُحوِّل مرضك إلى شفاء وتطهير.
والله يريد - كطبيب شافٍ - أن يُطهِّر ويستأصل من كل جزء فيك بقايا هذا السرطان اللعين، فتصير طاهراً وسليماً تماماً منه، بل وقوياً متشدِّداً بلا انتكاس، وقد صارت صحة نفسك أكثر سلامة بما لم تختبره من قبل
منقول من مجلة مرقس
رسالة الفكر المسيحي للشباب والخدام
يصدرها دير القديس أنبا مقار ببرية شهيت
برمهات / برمودة 1724ش - أبريل 2008م - العدد 493 - السنة 52